الجمعة، سبتمبر 02، 2011

اذا اعلن الفلسطينيون الدولة فسيخسرون



 

المادة الاكثر سخونة في الآونة الاخيرة في الشارع الفلسطيني تكمن في فتوى قضائية قانونية، ذات مظهر مثير للسأم تماما، تقع في سبع صفحات. واضعها هو البروفيسور جي غودوين ـ فيل، رجل اكسفورد وخبير في القانون الدولي العلني. وهو مقرب جدا من الفلسطينيين، وساعدهم في بناء القانون ضد اقامة جدار الفصل من قبل اسرائيل عندما بحث الموضوع في المحكمة الدولية في لاهاي.
ولهذا ليس مفاجئا أن تطلب القيادة الفلسطينية منه بالذات اعداد التقرير القانوني عن امكانية الاعتراف بالدولة في مؤسسات الامم المتحدة في الخريف القريب القادم. ولكن يتبين ان البروفيسور المحترم لا يشعر بنفسه خبيرا مكلفا وقد أعد ورقة مهنية جدا، تحرج قادة الاعتراف بالامم المتحدة.
ضمن امور اخرى كتب غودوين ـ فيل بأنه في اللحظة التي تعترف فيها الجمعية العمومية للامم المتحدة بفلسطين كـ 'دولة غير عضو' (على فرض ان الامريكيين بالفعل سيستخدمون الفيتو على مشروع قرار للاعتراف بدولة فلسطينية في اطار مجلس الامن)، ستلغى مكانة م.ت.ف كمراقب دائم في المنظمة، المكانة التي تحظى بها منذ 37 سنة، إذ لا يحتمل ان تكون الدولة والاطار ما قبل الدولة في نفس الوقت عضوين في الاطار الدولي.
المشكلة هي ان م.ت.ف نالت الاعتراف بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وهي تدعي تمثيل كل الفلسطينيين في العالم، الذين لاجئو 1948 وأنسالهم هم الاغلبية الكبرى في اوساطهم. اذا ما استبدلت المنظمة الملموسة بدولة غير ملموسة، سيفقد اللاجئون تمثيلهم فيما ان الدولة الصورية لا يمكنها ان تتحدث إلا باسم مواطنيها وليس باسم الشعب بأسره. وعلى حد قوله، سينشأ وضع مفارقة، تزيح فيه السلطة التي ستصبح مثابة دولة أقدام م.ت.ف، في الوقت الذي هي نفسها بكاملها من انتاج م.ت.ف، وكل صلاحياتها تنبع من استعداد م.ت.ف لنقلها اليها.
هذه الفتوى تضاف الى الحجج التي يطرحها بعض من القيادات الفلسطينية، وبموجبها فان ثمن الاعتراف بالدولة التي لم تقم سيكون عاليا جدا، ولا سيما في سياق العلاقات الحيوية بين م.ت.ف والسلطة وبين الولايات المتحدة، وفقدان الدعم المالي الامريكي.
وعلى حد قول اولئك المنتقدين، ففي اللحظة التي يعترف فيها بدولة فلسطينية سيصبح النقاش بينها وبين اسرائيل نزاع فني آخر وغير مشوق على الحدود، بدلا من أن يبقى مثابة نزاع وطني الى أن يُحل.
ومثلما في الكثير من الحالات الاخرى، في القصة الاسرائيلية ـ الفلسطينية ايضا فان ما يبدو للحظة كتهديد من طرف يتحول، عمليا، الى تهديد الآخر؛ وما يطالبه الغير بشدة يصبح موضوعا هو نفسه يرغب في تغييره أو الغاؤه (مثلا: اسرائيل تقوم بشقلبات في الهواء كي تسمح لقوات مصرية اخرى الانتشار في شبه جزيرة سيناء رغم ان مطلب تجريد شبه الجزيرة من السلاح كان بالطبع مطلبنا).
ولما كان غير قليلين في حكومة اسرائيل يرون في النزاع لعبة مبلغها الصفر، كل ما يكسبه طرف يخسره الآخر، فاننا كفيلون بأن نرى وضعا تكون فيه اسرائيل هي التي تطرح في ايلول مشروع قرار للاعتراف بالدولة الفلسطينية على التصويت في الامم المتحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق